أخر الأخبار

اللبنانييون ومسار الجلجلة

الحنان _ زياد العسل

مر الكثير على أبناء هذه المعمورة من أقصاها إلى أدناها، فقد عبرت البسيطة بكوارث طبيعية وبشرية وحروب فتكت بها جمعاء على مدى عقود من الزمان، وثمة تجارب كبرى لعل واحدة من أبرز هذه التجارب التي حفظها العقل الباطن البشري بالعمق هو القنبلة النووية (أو القنابل ) التي أسقطتت من قبل إحدى الدول العظمى فوق هيروشيما، وناكازاكي وإلى تغيير ديمغرافي حتى يومنا الحاضر وأدت إلى زوال البشر والحجر، هذا إضافة للأوبئة والتي كان آخر زوارنا منها وباء كورونا الذي قتل الملايين حول العالم ولم يعرف حتى يومنا هذا كيف بدأ هذه الوباء وكيف سينتهي وما هو السر العميق الذي سيدفنه مع تناميه
لبنانيا يلقب كثر الشعب اللبناني بشعب أيوب نظرا للويلات التي مر وما يزال يمر به هذا الشعب منذ تكوين لبنان الكبير وحتى لحظة كتابة هذا المقال، واذا أخذنا آخر خمسين سنة من عمر الكيان يمكننا بالتأكيد أخذ فكرة عن الطابع الذي يسم هذه الجمهورية التي عانى شعبها تداعيات موقعها الجغرافي وخاصة بالقرب من فلسيطين المحتلة وسط كيان غاصب للمقدرات عمل منذ عقود من الزمن على إبقاء هذا البلد عرضة للأزمات ,إضافة لساسة ساعدوه سواء عمدا أو دون أن يدروا حماقة ما ارتكبوا، فنهبوا شعبهم وأفلسوه وسرقوا الخزينة واقترفوا حروبا طائفية ومذهبية ومناطقية لإغراق هذا الشعب المسكين بمزيد من الويلات ما زالت ترزح في عقلنا الباطن ليومنا هذا ,إضافة لأن هذه التراكمات وصلت اليوم بالبلاد لحائط مسدود يمكن أن يودي إلى إنفجار أمني كبير تستخدمه الدول الكبرى ويستفيد منه الإسرائيلي في إطار سعيه للهيمنة والعودة مجددا للبنان ,واليوم ما نشهده من غلاء وارتفاع لسعر صرف الدولار وبطالة نتيجة تداعيات أزمة كورونا والأزمة الإقتصادية ينذر بما قلته أعلاه، لأن الأب الذي سيرى دمعه ابنه وجوع عائلته سيفعل كل شيء ولو كلفه ذلك حياته ,والطالب المتخرج الذي حرم من فرصة عمل سينتقم من ساسته وبيئته ومجتمعه بأية طريقة (وهذا غير مبرر لكنه سيحدث اذا طالت الأزمة).

في إطار تغطيتي الصحافية للواقع المتردي ذكرت منذ فترة قصة الزبون الذي شاهدته عند أحد بائعي اللحمة يلتقط صورة تذكارية مع “سيخ اللحمة” كردة فعل تحمل في ثناياها التراجيديا والكوميديا في آن ,هذا بعد سؤاله عن سعر اللحمة والسعر الباهظ الذي صعق به ,وهذه القصة ليست بهدف السردية بل هي تعبير عن واقع بات وصفه لا يصدق وكأننا أمام فقر مدقع وانتهاء لمرحلة ودخول لأخرى عنوانها التقنين في كل شيء وليس في الكهرباء فقط التي اعتدننا التقنين فيها وأضحى ذلك من تقاليد وعادات “سويسرا الشرق”.
يبقى لشعب أيوب الصابر أن يصبر أكثر ويحتسب ورهانه على خالق عظيم سيغير المشهد ويدخل الذين سرقوا البلاد والعباد إلى متاهة أصعب بكثير من التي جلبوها على شعبهم وأمتهم، وحتى ذلك الوقت سنعمل بما هو متوفر بين أيدينا وسنصبر حتى يمل الصبر منا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى