أخر الأخبار

عون قدم مراجعة إلى المجلس الدستوري لابطال القانون النافذ حكما المتعلق بتحديد آلية التعيين في الفئة الأولى لمخالفته الدستور

الحنان _

قدم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم، مراجعة إلى المجلس الدستوري، طلب فيها إبطال القانون النافذ حكما الرقم 7 تاريخ 3/7/2020 المتعلق بتحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة، والذي نشر في ملحق عدد الجريدة الرسمية الرقم 28 الصادر بالتاريخ نفسه، من دون توقيع رئيس الجمهورية.

واعتبر الرئيس عون أن القانون المذكور الذي أقره مجلس النواب في 28 أيار الماضي مخالف للدستور، ولا سيما المواد 54 و65 و66 طالبا تعليق مفعوله وفي الأساس إبطاله كليا.

المراجعة

وفي ما يأتي نص مراجعة رئيس الجمهورية إلى المجلس الدستوري حول القانون النافذ حكما رقم 7 تاريخ 3/7/2020:

جانب رئاسة المجلس الدستوري المحترم

مراجعة إبطال قانون مع طلب تعليق مفعوله

مقدم المراجعة: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

المرجع: -المادة 19 من الدستور

-المادة 19 من قانون إنشاء المجلس الدستوري

القانون المطلوب إبطاله لمخالفته الدستور: القانون النافذ حكما رقم 7 تاريخ 3/7/2020 والمنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم 28 الصادر بتاريخ 3/7/2020 (تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة).

– ربطا صورة عن القانون المنشور والمطلوب إبطاله.

أولا: في الشكل:

بما أن القانون النافذ حكما والمطلوب إبطاله لمخالفته الدستور قد نشر في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم 28 تاريخ 3/7/2020،

وبما أن قانون إنشاء المجلس الدستوري قد حدد مهلة خمسة عشر يوما من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية للتقدم من رئاسة المجلس الدستوري بمراجعة الطعن بالقانون المنشور،

وبما أن مراجعتنا هذه قد سجلت في قلم مجلسكم ضمن المهلة القانونية، وهي مقدمة من جهة مخولة دستوريا للطعن بالقوانين، وهي الجهة، اي تحديدا رئيس الجمهورية، التي تسهر على احترام الدستور وتحلف من دون سواها يمين الاخلاص للامة والدستور،

لذلك،

تكون مراجعتنا تلك مستوفية الشروط الشكلية ما يقتضي معها قبولها شكلا.

ثانيا: في تعليق مفعول القانون المطلوب إبطاله:

بما أن القانون المطعون في دستوريته قد أصبح نافذا فور نشره في الجريدة الرسمية، على ما ورد في المادة السادسة منه، فضلا عن انه اصبح نافذا حكما، وفقا لاحكام المادة 57 من الدستور، بنشره بتاريخ 3/7/2020،

وبما أن دخول هذا القانون حيز التنفيذ قد يؤدي إلى تأسيس نتائج قانونية عليه بمعرض التعيينات في الفئة الأولى، ويرتب بالتالي ممارسات بمثابة سوابق على صعيدي مرجعية الاقتراح وسلطة التعيين، ووضعا قانونيا ودستوريا غير سوي لمن نال موقعا إداريا رفيعا في الملاك الإداري العام والمؤسسات العامة وفقا للآلية المعتمدة في القانون المطعون فيه،

لذلك،

نطلب من مجلسكم الكريم إصدار القرار بتعليق مفعول هذا القانون ريثما يصار إلى بت الطعن به في الأساس، وإبلاغ قرار التعليق، عند صدوره، من المراجع المختصة ونشره في الجريدة الرسمية عملا بالمادتين 20 من قانون إنشاء المجلس الدستوري و34 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري.

ثالثا: في الأساس:

صدر القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/1990 متضمنا تعديلات دستورية مستقاة من وثيقة الوفاق الوطني، ومن بينها تعديل المادة 17 من الدستور بحيث نيطت السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، مع “تعزيز صلاحيات الوزير بما يتفق مع السياسة العامة للحكومة ومع مبدأ المسؤولية الجماعية ولا يقال من منصبه إلا بقرار من مجلس الوزراء أو بنزع الثقة منه إفراديا في مجلس النواب”، على ما ورد حرفيا في الوثيقة، وتم الأخذ به في المواد 54 و65 و66 من الدستور.

وبما أنه كان من الواجب، منذ صدور القانون الدستوري رقم 18/1990، استصدار قانون جديد للموظفين تطبيقا لأحكام الدستور بعد التعديلات التي أدخلت عليه، سيما وأن الفقرة 3 من المادة 65 من الدستور المتعلقة باختصاص مجلس الوزراء قد أوردت حرفيا ما يأتي: “3- تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون”، وأن الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 66 من الدستور قد أوردتا حرفيا ما يأتي: “يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته وبما خص به. يتحمل الوزراء إجماليا تجاه مجلس النواب تبعة سياسة الحكومة العامة ويتحملون إفراديا تبعة أفعالهم الشخصية”،

وبما أن كل قانون تطبيقي إنما يجب عليه التقيد بآلية تعيين الموظفين التي تمكن الوزير المختص من ممارسة صلاحيته، كما تمكن مجلس الوزراء من ممارسة اختصاصه الدستوري، مع توفير الضوابط التي تتظهر معها معايير الكفاءة والاختصاص والاستحقاق والجدارة في كل تعيين، وهي معايير منصوص عنها في الدستور، بما يؤدي إلى إدارة سليمة وعصرية وفاعلة،

وبما أن سلطة اقتراح التعيين في الإدارات والمؤسسات العامة هي الوزير المختص المحفوظة حيثيته الدستورية المستقلة في المادة 66 من الدستور، هذا الوزير الذي لم يعد مجرد معاون لرئيس الجمهورية الذي كان يتولى السلطة الإجرائية في نظامنا السياسي قبل التعديل الدستوري عام 1990،

وبما أن سلطة التعيين في الإدارات والمؤسسات تلك إنما هي مجلس الوزراء مجتمعا، بصورة حصرية، سيما أن المادة 65 من الدستور تلزم مجلس الوزراء بأكثرية موصوفة (ثلثا أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها) لتعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، باعتبار ان هذا التعيين هو من “المواضيع الأساسية” التي تعددها المادة 65 المذكورة،

وبما أن الوزير أصبح جزءا من السلطة الإجرائية المناطة بمجلس الوزراء، كونه مشاركا في اتخاذ القرار الإجرائي، ما يعني، من دون مواربة أو أدنى شك، أن مشاركة الوزير المختص في التوقيع على مقررات رئيس الجمهورية ليست أمرا شكليا، بل إنها من الشروط الجوهرية التي تتوقف عليها شرعية هذه المقررات، على ما يرد في المادة 54 من الدستور،

وبما أنه لا يصح تقييد صلاحية الوزير المختص الدستورية باقتراح التعيين، وصلاحية مجلس الوزراء الدستورية بالتعيين، و”بخاصة في المواضيع التي اعتبرها الدستور أساسية بقوانين سنها المشرع وإن تناولت تنظيم الوظيفة العامة عندما يكون من شأن هذه القوانين الانتقاص من هذه الصلاحية أو فرض شروط مقيدة لممارستها” على ما ورد حرفيا في قرار مجلسكم الكريم رقم 5 تاريخ 29 أيلول 2001، المنشور في العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 4/10/2001، حيث لا مانعا من إبداء المشورة وتزويد الوزير و/أو مجلس الوزراء بالمعطيات والمعلومات التي تمكنه من اتخاذ القرار، حتى إن تجاوزت أي هيئة أو لجنة هذا الدور، مارست صلاحية تتناقض بالمطلق مع أحكام الدستور،

وبما أن ربط تعيين الموظفين باقتراح الوزير المختص لا يعني مطلقا تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء، بل يهدف بالعكس إلى تعزيز روح التضامن بين أعضائه وتفعيل مسؤولية الوزير تجاه مجلس النواب ومجلس الوزراء معا، تلك المسؤولية التي تفترض حكما إعطاء الوزير الصلاحية اللازمة فيما يتعلق بالموظفين التابعين لوزارته، إذ كيف يجوز تحميل الوزير مسؤولية سوء إدارة أو خطأ موظف تابع له أو مخالفات يرتكبها إذا لم يكن للوزير صلاحية الاقتراح في التعيين، حتى إن لم يجاره مجلس الوزراء في أكثرية الثلثين المطلوبة للتعيين، يكون ذلك بالعودة إلى صلاحية التعيين المحفوظة لمجلس الوزراء، فيتخذ الوزير ما يراه مناسبا من تحفظ أو اعتراض أو استقالة،

وبما أن القانون المطعون فيه قد أشرك وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية مع الوزير المختص ورئيس مجلس الخدمة المدنية (أو ممثلين عن الوزيرين من داخل الإدارة) في اختيار ثلاثة أسماء للمرشحين المقبولين يتم رفعها وفقا لترتيب العلامات إلى الوزير المختص أو وزير الوصاية… كي يرفعها بدوره مع اقتراحه إلى رئيس مجلس الوزراء لعرضها على مجلس الوزراء “الذي عليه أن يعين واحدا منهم في المركز الشاغر” (المادة الثالثة من القانون المطعون به)، إنما يكون في ذلك قد تجاوز صلاحية الوزير المختص أو وزير الوصاية بالاقتراح وقيدها بآلية مشركة، كما قيد مجلس الوزراء في ممارسة اختصاصه بالتعيين من بين أسماء محددة، فيكون خياره محصورا لزوما بالأشخاص الذين تسميهم اللجنة من دون سواهم،

وبما أن من شأن ذلك الالتفاف على الأكثرية الموصوفة لتعيين موظفي الفئة الأولى أو ما يعادلها في الإدارات والمؤسسات العامة، وهي أكثرية الثلثين من أعضاء الحكومة، على ما تنص عليه المادة 65 من الدستور، بمجرد النص على لجنة لها صفة تقريرية وتعتمد في عملها على أكثرية عادية للاختيار،

وبما أنه يتبدى من كل ذلك، وبالإضافة إلى كل ذلك، إن المشرع، ولئن لم يفوض صلاحية تنظيمية إلى لجنة مشتركة إدارية ووزارية، قد فوض لجنة ثلاثية مكونة من الوزير المختص ومجلس الخدمة المدنية بشخص رئيسه ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية بشخص الوزير(أو من يمثل الوزيرين ؟!)، بمهمة تصل إلى تحديد مواصفات التعيين للوظائف الشاغرة في الفئة الأولى أو ما يعادلها في الإدارات والمؤسسات العامة وقبول طلبات الترشيح والشروط، وإجراء المقابلات الشفهية ورفع نتائجها إلى الوزير المختص باختيار ثلاثة أسماء للمرشحين المقبولين، ما ينسحب أيضا على الموظفين الذين يديرون مرفقا عاما من أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص (؟!)،

وبما أن مثل هذا التفويض مخالف للمبادئ العامة للنظام البرلماني، سيما مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعاونهما وتوازنهما لأن من شأنه أن يولي اللجنة الثلاثية الإدارية (سيما بوجود ممثلين عن الوزيرين) سلطة تنظيمية، ما يتعارض مع مبدأ دستوري أساسي في كل النظم الديمقراطية البرلمانية، وهو عدم جواز قيام السلطة المشترعة بتفويض هيئة رقابية إدارية ووزارية مشتركة بتحديد مراحل عملها وآليته، حيث كان من الأوثق دستوريا تفويض مجلس الوزراء بذلك،

وبما أنه والحال على ما هي عليه يكون القانون المطعون فيه، لا سيما في مادته الثالثة التي يتمحور حولها القانون بأكمله، قد خالف الدستور على صعد ثلاث:

1- مخالفة المادتين 54 و66 من الدستور بتقييد صلاحية الوزير في اقتراح تعيين الموظفين التابعين لوزارته أو العاملين تحت وصايته، وجعل هذه الصلاحية صلاحية شكلية، كما مشاركته في صنع القرار الإجرائي عند التعيين المذكور.

2- مخالفة المادة 65 من الدستور بتقييد اختصاص مجلس الوزراء بتعيين موظفي الفئة الأولى أو ما يماثلها في الإدارات والمؤسسات العامة.

3- تفويض القانون هيئة إدارية وتنفيذية صلاحيات تنظيمية، في حين أن هذا التفويض يكون لمجلس الوزراء.

لهذه الأسباب،

وللأسباب التي يراها مجلسكم الكريم عفوا

بعد نشره القانون بمندرجاته كافة وإخضاعه لرقابته،

نطلب:

أولا: في الشكل: قبول المراجعة شكلا لاستيفائها الشروط القانونية.

ثانيا: إصدار القرار بتعليق مفعول القانون المطعون فيه.

ثالثا: في الأساس: إصدار القرار بإبطال القانون المطعون فيه إبطالا كليا للترابط بين مواده، وذلك لعدم دستوريته، لا سيما لجهة مخالفته أحكام المواد 54 و65 و66 من الدستور.

واقبلوا الاحترام.

بعبدا، في 8/7/2020

رئيس الجمهورية اللبنانية

العماد ميشال عون

المصدر
الوكالة الوطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى