أخر الأخبار

المطران درويش في قداس الفصح: رغم الوباء المحيط فينا، نشعر بفرح عميق ورجاء كبير

الحنان _

احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش برتبة الهجمة وقداس عيد الفصح في كاتدرائية سيدة النجاة- زحلة، بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والآباء اليان ابو شعر وايلي القاصوف، وخدمه الأب الياس ابراهيم والمرنم طوني سيدي.
والقى درويش عظة هنأ فيها المؤمنين بقيامة السيد المسيح من الموت، ومما قال :
” يبدو لي اليوم أن الاحتفال بفصح الرب بصمت، وأنتم في بيوتكم، هو عودة واضحة إلى ليلة الفصح الأولى، التي تمت بين المسيح وتلاميذه. في ذلك الوقت بقي التلاميذ في العلية خوفاً من الموت وانتظروا كما قال لهم المعلم قدوم الروح القدس ليحل عليهم.
لذلك أرى أن هذه العزلة التي فُرضت علينا، جعلتنا نحتفل بفصح الرب، لأول مرة وحدنا، وكأننا نمر معه من ظلمة الموت الى نور الحياة، ومن الحزن والكآبة الى الفرح، كما أنها تساعدنا لنكتشف سرَّ إيماننا.
لقد جعلتنا هذه الأيام ونحن نصلي وحدنا في كنائسنا، ندخل الى عمق الليترجيا، فنفهم أكثر سرَّ آلام يسوع وقيامته، فنقلتنا من التدين الخارجي والسطحي إلى التدين الداخلي العميق، نقلتنا من المظاهر الخارجية ومن الارتباط بالعبادة الجماعية الى العبادة الشخصية وإلى الإيمان الفردي المرتبط بعلاقة شخصية مع يسوع المسيح. وصرنا نخاطب الله الآب من أعماق قلبنا، وربما نقلنا وباء الكورونا لنفهم أكثر على أن الخلاص يقوم أيضا على هذه العبادة الفردية وعلى شخصانية العلاقة مع الله الآب.
وما التباعد الاجتماعي الذي فرضته الحكومة إلا ليوقظنا بأن الكنيسة هي أولاً في قلب كل مؤمن وفي كل بيت كما هي في الرعية والأبرشية.”
واضاف ” خلال هذه الأزمة لم نتخلى نحن الكهنة عنكم أيها المؤمنون، لقد حملناكم في صلواتنا وقدمناكم في احتفالاتنا الليترجية للمسيح، وأدخلناكم معنا الى قدس الأقداس، لكننا بنفس الوقت لم ننسى البعد الاجتماعي لرسالتنا، فكنا حاضرين أكثر من أي وقت مضى معكم وبخاصة مع العائلات المحتاجة والفقيرة.
لذلك قامت في كل رعايانا لجاناً اجتماعية شبابية، بمبادرة من كهنة الرعايا، ووزعت المساعدات الضرورية ليشعر هؤلاء بأنهم غير منسيين، وبأن المحبة تقوم على شراكة حقيقية وبخاصة إبّان الأزمات.
كما قامت لجان وجمعيات كثيرة ومبادرات فردية في الأبرشية تمد يد المساعدة للرعايا وللعائلات المحتاجة.
أما المطرانية وبعمل وثيق مع الجمعية الخيرية الكاثوليكية فهي تقوم بعمل ملفت لمساعة الناس في حياتهم، فبين المدارس والمستشفى والمساعدات الغذائية والصحية للعائلات المحتاجة،وطاولة يوحنا الرحيم، تقدم المطرانية أكثر من نصف مليون دولار.”
وتابع سيادته ” نحن، أيها الأخوة، غير قلقين على مستقبلنا، لأن القيامة فتحت لنا الحياة على اللامتناهي، والغلبة صارت لنا، فموت المخلص حرّرنا من الخوف، وقيامته غلبت موتنا وجعلت السماء في متناولنا.
قام المسيح!.. يعني أني صرت أعيش في القيامة وأصبحت قادرًا أن أتحدى الشر والوباء والخطيئة والموت والجحيم، وباتت آلامي تحمل لي بعدا خلاصيا، وأنا اليوم أصرخ مع بولس الرسول: “اين شكوكتك يا موت، أين غلبتكِ يا جحيم! ” (1كور15/55).
قام المسيح والحياة صارت أبدية، فبقيامته لم نعد نتخيل العالم بدون غفران، معه ننادي بصوت عال “لا للموت” نعم “للمغفرة” لا “للكراهية” نعم “للمصالحة”، معه صارت المحبة شرط أساس لبناء علاقات سليمة بين البشر.
قام المسيح وصارت الغلبة لي، فإلهي “ليسَ هو إلهَ الأموات، بلْ إلهُ الأحياء لأن الجميعَ يَحيَوْنِ له” (لوقا20/38). بقيامته صارت قبورنا فارغة ولم يعد للموت سلطة علينا لأننا أبناء الحياة.
قام المسيح ولم يعد القبر هو النهاية، بل صار جسرًا نعبر به الى الحياة. وقيامته أنبتت فينا رجاء جديدًا بأننا نحن الغالبون.
قام المسيح وفاضت طاقة النور فينا وصرنا مغمورين بفرح روحي عميق وقادرين أن نستضيف الله في حياتنا: “هلمُّوا، في يوم القيامة السَّني، نشتركُ في عصيرِ الكرمة الجديد، وفي الفرح الإلهي، وفي ملكوت المسيح” (سحرية العيد).
قام المسيح وجعلنا ننقاد إلى روح الرب وصرنا بنعمة الروح القدس مقدسين، ننظر إلى العالم بأعين المسيح، نرى الآخرين كأخوة لنا وشركاء في العبادة ونعيش حياة الله في عملنا اليومي وفي خدمة مجتمعنا وفي علاقاتنا الإنسانية.
قام المسيح فصرنا له، بنعمة الروح القدس ابناء حقيقيين، ولم نعد بعد يتامى (يوحنا14/18)، لقد أصبح هو أبونا وسلامنا “سلامي أمنحُكم… فلا تضطرب قلوبكُم ولا تفزع” (يوحنا14/27).
قام المسيح وانتصرنا على الخوف الموجود فينا، فسمحنا له أن يقتحم حياتنا، فكافأنا وأعطانا حياة عصية عن الموت
قام المسيح ودحرج الحجر عن قلوبنا وبيوتنا، وجعل كل شيئ جديدا في حياتنا، فلم نعد نرى إلا سناءً ونورًا. وحجرُنا مهما كان كبيرا لن يُغلق قلبنا أمام قوة الله التي أقامت يسوع.
قام المسيح وأعطانا القدرة على التغلب على الانقسامات والبغض واللامبالاة واليأس، وكشف لنا أن الحقيقة تكمن في المحبة والغفران والتآخي. ورغم الوباء المحيط فينا، نشعر بفرح عميق ورجاء كبير، فالقيامة هي انفتاح على المستقبل”
وختم درويش “الأهم من ذلك كله، أعطانا المسيح بقيامته، أمّا هي حاضرة معنا في صلب حياتنا، تشهد في العالم لتجسد المسيح وتتشفع لديه لنحافظ على بنوتنا ولنبقى في شركة محبةٍ تتجسد في الجماعة. مع القديس بولس نردد اليوم: “الشكر لله الذي أعطانا الغلبة بربنا يسوع المسيح”. المسيح قام!.. حقا قام!..”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى